الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
هذا المسجد داخل باب زويلة وتسميه العوامّ سام بن نوح النبيّ عليه السلام وهومن مختلفاتهم التي لا أصل لها وإنما يُعرف بمسجد ابن البناء وسام بن نوح لعله لم يدخل أرض مصر البتة فإن اللّه سبحانه وتعالى لما نجى نبيه نوحًا من الطوفان خرج معه من السفينة أولاده الثلاثة وهم سام وحام ويافث ومن هذه الثلاثة ذرأ الله سائر بني آدم كما قال تعالى: " وصار لحام بن نوح الجنوب مما يلي أرض مصر مغرّبًاإلى المغرب الأقصى ومن نسله الحبشة والزنج والقبط سكان مصر وأهل النوبة والأفارقة أهل إفريقية وأجناس البربر وصار ليافث بن نوح بحر الخرز مشرّقًا إلى الصين ومن نسله الصقالبة والفرنج والروم والغوط وأهل الصين واليونانيون والترك. وقد بلغني أن هذا المسجد كان كنيسة لليهود القرّايين تُعرف بسام بن نوح وأن الحاكم بأمر الله أخذ هذه الكنيسة لما هدم الكنائس وجعلها مسجدًا وتزعم اليهود القرّايون الآن بمصر أن سام بن نوح مدفون هنا وهم إلى الاَن يحلفون من أسلم منهم بهذا المسجد. أخبرني به قاضي اليهود إبراهيم بن فرج الله بن عبد الكافي الداودي العاناني وليس هذا بأوّل شيء اختلقته العامّة. وابن البناء: هذا هو محمد بن عمر بن أحمد بن جامع بن البناء أبو عبد الله الشافعي المقرىء سمع من القاضي مجلي وأبي عبد الله الكيزانيّ وغيره وحدّث وأقرأ القراّن وانتفع به جماعة. وهو منقطع بهذا المسجد وكان يُعرف خطه بخط بين البابين ثم عُرف بخط الأقفاليين ثم هو الآن يُعرف بخط الضبيين وباب القوس. ومات ابن البناء هذا في العشر الأوسط من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة واتفق لي عند هذا المسجد أمرعجيب وهو أني مررت من هناك يومًا أعوام بضع وثمانين وسبعمائة والقاهرة يومئذِ لا يمر الإنسان بشارعها حتى يلقى عناء من شدّة ازدحام الناس لكثرة مرورهم ركبانًا ومشاة فعندما حاذيت أوّل هذا المسجد إذا برجل يمشي أمامي وهو يقول لرفيقه: واللّه يا أخي ما مررت بهذا المكان قط إلاّ وانقطع نعلي فوالله ما فرغ من كلامه حتى وطيء شخص من كثرة الزحام على مؤخر نعله وقد مد رجله ليخطو فانقطع تجاه باب المسجد فكان هذا من عجائب الأمور وغرائب الاتفاق. مسجد الحلبيين هذا المسجد فيما بين باب الزهومة ودرب شمس الدولة على يُسرة من سلك من حمّام خُشيبة طالبًا البندقانيين. بني على المكان الذي قتل فيه الخليفة الظاهر نصر بن عباس الوزير ودفنه تحت الأرض فلما قدم طلائع بن رزيك من الأشمونين إلى القاهرة باستدعاء أهل القصر له ليأخذ بثار الخليفة وغلب على الوزارة استخرج الظافر من هذا الموضع ونقله إلى تربة الصر وبنى موضعه هذا المسجد وسماه المشهد وعمل له بابين أحدهما هذا الباب الموجود والباب الثاني كان يُتوصل منه إلى دار المأمون البطائحيّ التي هي اليوم مدرسة تُعرف بالسيوفية. وقد سدّ هذا الباب وما برح هذا المسجد يُعرف بالمشهد إلى أن انقطع فيه محمد بن أبي الفضل بن سلطان بن عمار بن تمام أبو عبد الله الحلبيّ الجعبريّ المعروف بالخطيب وكان صالحًا كثير العبادة زاهدًا منقطعًا عن الناس ورعا وسمع الحديث وحدّث وكان مولده في شهر رجب سنة أربع وعشرين وستمائة بقلعة جعبر ووفاته بهذا المسجد وقد طالت إقامته فيه يوم الإثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ودفن بمقابر باب النصر رحمه الله وهذا المسجد من أحسن مساجد القاهرة وأبهجها. مسجد الكافرريّ هذا المسجد كان في البستان الكافوريّ من القاهرة بناه الوزير المأمون أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحيّ في سنة ست عشرة وخمسمائة وتولى عمارته وكيله أبو البركات محمد بن عثمان وكتب اسمه عليه وهو باق إلى اليوم بخط الكافوريّ ويعرف هناك بمسجد الخلفاء وفيه نخل وشجر وهو مرخم برخام حسن. مسجد رشيد هذا المسجد خارج باب زويلة بخط تحت الربع على يسرة من سلك من دار التفاح يريد قنطرة الخرق بناه رشيد الدين البهائي. المسجد المعروف بزرع النوى هذا المسجد خارج باب زويلة بخط سوق الطيور على يُسرة من سلك من رأس المنجبية طالبًا جامع قوصون والصليبة وتزعم العامة أنه بني على قبر رجل يُعرف بزرع النوى وهو من أصحاب رسول الله. وهذا أيضًا من افتراء العامة الكذب فإن الذين أفردوا أسماء الصحابة رضي الله عنهم كالإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريّ في تاريخه الكبير وابن أبي خيثمة والحافظ أبي عبد الله بن منذر والحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ والحافظ أبي عمر بن عبد البرّ والفقيه الحافظ أبي محمد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم لم يذكر أحد منهم صحابيًا يُعرف بزرع النوى. وقد ذكر في أخبار القرافة من هذا الكتاب من قُبر بمصر من الصحابة وذُكر في أخبار مدينة فسطاط مصر أيضًا من دخل مصر من الصحابة وليس هذا منهم وهذا إن كان هناك قبر فهو لأمين الأمناء أبي عبد اللّه الحسين بن طاهر الوزان وكان من أمره أن الخليفة الحاكم بأمر اللّه أبا عليّ منصور بن العزيز بالله خلع عليه للوساطة بينه وبين الناس والتوقيع عن الحضرة في شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعمائة وكان قبل ذلك يتولى بيت المال فاستخدم فيه أخاه أبا الفتح مسعودًا وكان قد ظفر بمال يكون عشرات وصياغات وأمتعة وطرائف وفرش وغير ذلك في عدة آدر بمصر وجميعه مما خلفه قائد القوّاد الحسين بن جوهر القائد فباع المتاع وأضاف ثمنه إلى العين فحصل منه مال كثير وطالع الحاكم بأمر اللّه به أجمع لورثة قائد القوّاد ولم يتعرض منه لشيء وكثرت صلات الحاكم وعطاؤه وتوقيعاته فانطلق في ذلك فاتصل به عن أمين الأمناء بعض التوقف فخرجت إليه رقعة بخطه في الثامن والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وأربعمائة نسختها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كما هو أهله: أصبحتُ لا أرجو ولا أتقي إلاّ إلهي وله الفضلُ. جدي نبي وإمامي أبي ودينيَ الإخلاصَ والعدل. ما عندكم ينفد وما عند الله باق المال مال اللّه عز وجلّ والخلق عيال اللّه ونحن أمناؤه في الأرض أطلق أزراق الناس ولا تقطعها والسلام. ولم يزل على ذلك إلى أن بطل أمره في جمادى الآخرة من سنة خمس وأربعمائة وذلك أنه ركب مع الحاكم على عادته فلما حصل بحارة كتامة خارج القاهرة ضرب رقبته هناك ودفن في هذا الموضع تخمينًا واستحضر الحاكم جماعة الكتّاب بعد قتله وسأل رؤساء الدواوين عما يتولاه كل واحد منهم وأمرهم بلزوم دواوينهم وتوفرهم على الخدمة وكانت مدّة نظر ابن الوزان في الوساطة والتوقيع عن الحضرة وهي رتبة الوزارة سنتين وشهرين وعشرين يومًا وكان توقيعه عن الحضرة الإمامية الحمد للّه وعليه توكلي. مسجد الذخيرة هذا المسجد تحت قلعة الجبل بأوّل الرميلة تجاه شبابيك مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاون التي تلي بابها الكبير الذي سدّه الملك الظاهر برقوق أنشأه ذخيرة الملك جعفر متولي الشرطة. قال ابن المأمون في تاريخه: في هذه السنة يعني سنة ست عشرة وخمسمائة استخدم ذخيرة الملك جعفر في ولاية القاهرة والحسبة بسجل أنشأه ابن الصيرفيّ وجرى من عسفه وظلمه ما هو مشهور وبنى المسجد الذي ما بين الباب الجديد إلى الجبل الذي هو به معروف وسمّي مسجد لا باللّه بحكم أنه كان يقبض الناس من الطريق ويعسفهم فيحلفونه ويقولون له لا باللِّه فيقيدهم ويستعملهم فيه بغير أجرة ولم يعمل فيه منذ أنشأه إلاّ صانع مكره أو فاعل مقيد وكُتبت عليه هذه الأبيات المشهورة: بنى مسجدًاللّه من غيرِحلِهِ وكانَ بحمدِ اللَّهِ غيرَموفقِ. كَمُطعِمَةِ الأيتام مِن كدِّ فرجِها لكِ الويلُ لا تزني ولا تتصدّقي. وكان قد أبدع في عذاب الجناة وأهل الفساد وخرج عن حكم الكتّاب فابتلى بالأمراض الخارجة عن المعتاد ومات بعدما عجل الله له ما قدّمه وتجنب الناس تشييعه والصلاة عليه وذكر عنه في حالتي غسله وحلوله بقبره ما يُعيذ اللّه كلّ مسلم من مثله. وقال ابن عبد الظاهر: مسجد الذخيرة تحت قلعة الجبل وذكر ما تقدّم عن ابن المأمون. هذا المسجد بحارة اليانسية عُرف بالشيخ الصالح رسلان لإقامته به وقد حُكيت عنه كرامات ومات به في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وكان يتقوّت من أجرة خياطته للثياب وابنه عبد الرحمن بن محمد بن رسلان أبو القاسم كان فقيهًا محدّثًا مقرنًا مات في سنة سبع وعشرين وستمائة. مسجد ابن الشيخيّ هذا المسجد بخط الكافوريّ مما يلي باب القنطرة وجهة الخليج مجاور لدار ابن الشيخي أنشأه المهتار ناصر الدين محمد بن علاء الدين عليّ الشيخيّ مهتار السلطان بالإصطبلات السلطانية وقرر فيه شيخنا تقيّ الدين محمد بن حاتم فكان يعمل فيه ميعادًا يجتمع الناس فيه لسماع وعظه وكان ابن الشيخي هذا حشمًا فخورًا خيّرًا يحب أهل العلم والصلاح ويكرمهم. ولم نر بعده في رتبته مثله ومات ليلة الثلاثاء أوّل يوم من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. مسجد يانس هذا المسجد كان تجاه باب سعادة خارج القاهرة. قال ابن المأمون في تاريخه: وكان الأجل المأمونِ يعني الوزير محمد بن فاتك البطائحيّ قد ضم إليه عدّة من مماليك الأفضل بن أمير الجيوش من جملتهم يانس وجعله مقدّمًا على صبيان جلسه وسلَّم إليه بيت ماله وميزه في رسومه. فلما رأى المذكور في ليلة النصف من شهر رجب يعني سنة ست عشرة وخمسمائة ما عُمل في المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة من الهمة ووفور الصدقات وملازمة الصلوات وما حصل فيه من المثوبات كتب رقعة يسأل فيها أن يُفسح له في بناء مسجد بظاهر باب سعادة فلم يجبه المأمون إلى ذلك وقال له: ما ثم مانع من عمارة المساجد وأرض الله واسعة وإنما هذا الساحل فيه معونة للمسلمين وموردة للسقائين وهو مرسى مراكب الغلة والمضرّة في مضايقة المسلمين فيه منه ولو لم يكن المسجد المستجد قبالة باب الخوخة محرسًا لما استجدّ حتى إنّا لم نخرج بساحته الأولى فإن أردت أن تبني قبليّ مسجد الريفي أو على شاطيء الخليج فالطريق ثم سهلة. فقبّل الأرض وامتثل الأمر فلما قُبض على المأمون وأمرَ الخليفة يانس المذكور ولم يزل ينقله إلى أن استخدمه في حجبة بابه سأله في مثل ذلك فلم يجبه إلى أن أخذ الوزارة فبناه في المكان المذكور. وكانت مدّته يسيرة فتوفي قبل إتمامه وإكماله فكمله أولاده بعد وفاته. انتهى. وقد تقدّم خبر وزارة أبي الفتح ناظر الجيوش يانس الأرمنيّ هذا عند ذكر الحارة اليانسية من هذا الكتاب. هذا المسجد تجاه باب الخوخة بجوار مدرسة أبي غالب. قال ابن المأمون في تاريخه من حوادث سنة ست عشرة وخمسمائة: ولما سكن المأمون الأجَلّ دار الذهب وما معها يعني في أيام النيل للنزهة عند سكن الخليفة الآمر بأحكام الله بقصر اللؤلؤة المطل على الخليج رأى قبالة باب الخوخة محرسًا فاستدعى وكيله وأمره بأن يزيل المحرس المذكور ويبني موضعه مسجدًا وكان الصناع يعملون فيه ليلًا ونهارًا حتى أنه تفطر بعد ذلك واحتيج إلى تجديده. المسجد المعروف بمعبد موسى هذا المسجد بخط الركن المخلق من القاهرة تجاه باب الجامع الأقمر المجاور لحوض السبيل وعلى يُمنة من سلك من بين القصرين طالبًاحبة باب العيد. أوّل من اختطه القائد جوهر عندما وضع القاهرة. قال ابن عبد الظاهر: ولما بنى القائد جوهر القصر دخل فيه دير العظام وهو المكان المعروف الآن بالركن المخلق قبالة حوض الجامع الأقمر وقريب دير العظام والمصريون يقولون بئر العظمة فكره أن يكون في القصر دير فنقل العظام التي كانت به والرّمم إلى دير بناه في الخندق لأنه كان يُقال إنها كانت عظام جماعة من الحواريين وبنى مكانها مسجدًا من داخل السور يعني سور القصر. وقال جامع سيرة الظاهر بيبرس: وفي ذي الحجة سنة ستين وستمائة ظهر بالمسجد الذي بالركن المخلق من القاهرة حجر مكتوب عليه. هذا معبد موسى بن عمران عليه السلام فجدّدت عمارته وصار يعرف بمعبد موسى من حينئذٍ ووقف عليه ربع بجانبه وهو باق إلى وقتنا هذا. مسجد نجم الدين هذا المسجد ظاهر باب النصر أنشأه الملك الأفضل نجم الدين أبو سعيد أيوب بن شادي يعقوب بن مروان الكرديّ والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وجعل إلى جانبه حوض ماء للسبيل ترده الدواب في سنة ست وستين وخمسمائة ونجم الدين هذا قدم هو وأخوه أسد الدين شيركوه من بلاد الأكراد إلى بغداد وخدم بها وترقى في الخدم حتى صار دزدارا بقلعة تكريت ومعه أخوه ثم إنه انتقل عنها إلى خدمة الملك المنصور عماد الدين أتابك زنكي بالموصل فخدمه حتى مات فتعلق بخدمة ابنه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي فرقّاه وأعطاه بعلبك وحج من دمشق سنة خمس وخمسمائة فلما قدم ابنه صلاح الدين يوسف بن أيوب مع عمه أسد الدين شيركوه من عند نور الدين محمود إلى القاهرة وصار إلى وزارة العاضد بعد موت شيركوه قدم عليه أبوه نجم الدين في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمسمائة وخرج العاضد إلى لقائه وأنزله بمناظر اللؤلؤة فلما استبدّ صلاح الدين بسلطنة مصر بعد موت الخليفة العاضد أقطع أباه نجم الدين الإسكندرية البحيرة إلى أن مات بالقاهرة في يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وخمسمائة وقيل في ثامن عشرة من سقطة عن ظهر فرسه خارج باب النصر فحمل إلى داره فمات بعد أيام وكان خيّرًا جوادًا متدينًا محبًا لأهل العلم والخير وما مات حتى رأىمن أولاده عدة ملوك وصار يَقال له أبو الملوك ومدحه العماد الأصبهاني بعده قصائد ورثاه الفقيه عمارة بقصيدته التي أولها: هي الصدمةُ الأولى فَمَنْ بانَ صبرُهُ على هولِ ملقاهُ تعاظمَ أمرُهُ. مسجد صواب هذا المسجد خارج القاهرة بخط الصليبة عُرف بالطواشي شمس الدين صواب مقدّم المماليك السلطانية ومات في ثامن رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة ودفن به وكان خيرًا دينًا فيه صلاح. المسجد بجوار المشهد الحسينيّ هذا المسجد أنهيَ في مستهل شهر رجب سنة اثنتين وستين وستمائة للملك الظاهرركن الدين بيبرس وهو بدار العدل أن مسجدًا على باب مشهد السيد الحسين عليه السلام وإلى جانبه مكان من حقوق القصر بيع وحمل ثمنه للديوان وهو ستة اَلاف درهم فسأل السلطان عن صورة المسجد وهذا الموضع وهل كل منهما بمفرده أو عليهما حائط دائر فقيل له إن بينهما زرب قصب فأمربرد المبلغ وأبقى الجميع مسجدًا وأمر بعمارة ذلك مسجدًا لله تعالى. مسجد الفجل هذا المسجد بخط بين القصرين تجاه بيت البيسريّ أصله من مساجد الخلفاء الفاطميين أنشأه على ما هو عليه الآن الأمير بشتاك أخذ قصر أمير سلاح ودار أقطوان الساقي وأحد عشر مسجدًا وأربعة معابد كانت من عمارة الخلفاء وأدخلها في عمارته التي تُعرف اليوم بقصر بشتاك ولم يترك من المساجد والمعابد سوى هذا المسجد فقط ويجلس فيه بعض نواب القضاة المالكية للحكم بين الناس وتسميه العامّة مسجد الفجل وتزعم أن النيل الأعظم كان يمرّ بهذا المكان وأن الفجل كان يُغسل موضع هذا المسجد فعرف بذلك وهذا القول كذب لاأصل له وقد تقدّم في هذا الكتاب ما كان عليه موضع القاهرة قبل بنائها وما علمت أن النيل كان يمرّ هناك أبدًا وبلغني أنه عُرف بمسجد الفجل من أجل أن الذي كان يقوم به كان يعرف بالفجل والله أعلم. مسجد تبر هذا المسجد خارج القاهرة مما يلي الخندق عُرف قديمًا بالبئر والجميزة وعُرف بمسجد تبر وتسميه العامة مسجد التبن وهو خطأ وموضعه خارج القاهرة قريبًا من المطرية. قال القضاعيّ: مسجد تبر بني على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنفذه المنصور فسرقه أهل مصر ودفنوه هناك وذلك في سنة خمس وأربعين ومائة ويُعرف بمسجد البئر والجميزة. وقال الكنديّ في كتاب الأمراء: ثم قدمت الخطباء إلى مصر برأس إبراهيم بن عبد اللّه بن حسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة لينصبوه في المسجد الجامع وقامت الخطباء فذكروا أمره. وتبر هذا أحد الأمراء الأكابر في أيام الأستاذ كافور الإخشيديّ فلما قدم جوهر القائد من المغرب بالعساكر ثار تبر الإخشيديّ هذا في جماعة من الكافورية والإخشيدية وحاربه فانهزم بمن معه إلى أسفل الأرض فبعث جوهر يستعطفه فلم يجب وأقام على الخلاف فسير إليه عسكرًا حاربه بناحية صهرجت فانكسر وصار إلى مدينة صور التي كانت على الساحل في البحر فقبض عليه بها وأدخل إلى القاهرة على فيل فسجن إلى صفر سنة ستين وثلاثمائة فاشتدّت المطالبة عليه وضرب بالسياط وقبضت أمواله وحبس عدة من أصحابه بالمطبق في القيود إلى ربيع الآخر منها فجرح نفسه وأقام أيامًا مريضًا ومات فسلخ بعد موته وصلب عند كرسي الجبل. وقال ابن عبد الظاهر أنه حُشِيَ جلدة تبنا وصلب فربما سمت العامّة مسجده بذلك لما ذكرناه وقيل أن تبرًا هذا خادم الدولة المصرية وقبره بالمسجد المذكور. قال مؤلفه: هذا مسجد القطبية هذا المسجد كان حيث المدرسة المنصورية بين القصرين واللّه أعلم. الخوانك الخوانك جمع خانكاه وهي كلمة فارسية معناها بيت وقيل أصلها خونقاه أي الموضع الذي يأكل فيه الملك. والخوانك حدثت في الإسلام في حدود الأربعمائة من سني الهجرة وجُعلت لتخلي الصوفية فيها لعبادة اللّه تعالى. قال الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشريّ رحمه اللّه: اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمّية علم سوى صحبة رسول الله إذ لا فضيلهّ فوقها فقيل لهم الصحابة ولما أدرك أهل العصر الثاني سُميَ مَن صحب الصحابة التابعين ورأوا ذلك أشرف سمة. ثم قيل لمن بعدهم أتباع التابعين ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص خواص الناس ممن لهم شدّة عناية بأمر الدين الزهّاد والعبّاد ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق فكلّ فريق ادّعوا أنّ فيهم زهادًا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوِّف واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة. قال: وهذه التسمية غلبت على هذه الطائفة فيقال رجل صوفيّ وللجماعة الصوفية ومن يتوصل إلى ذلك يُقال له متصوّف وللجماعة المتصوّفة وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق وأظهر فيه أنه كاللّقب فأمّا قول من قال أنه من الصوف وتصوف إذا لبس الصوف كما يقال تقمص إذا لبس القميص فذلك وجه ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف. ومن قال: إنهم ينسبون إلى صفة مسجد رسول الله فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفي. ومن قال إنه من الصفاء فاشتقاق الصوفيّ من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة وقول من قال أنه مشتق من الصف فكأنهم في الصف الأوّل بقلوبهم من حيث المحاضرة مع الله تعالى فالمعنى صحيح لكنّ اللغة لا تقتضي هذه النسبة من الصف ثم إن هذه الطائفة أشهر من أن يحتاج في تعيينهم إلى قياس لفظ واستحقاق اشتقاق والله أعلم. وقال الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهرورديّ رحمه الله: والصوفيّ يضع الأشياء في مواضعها ويدبر الأوقات والأحوال كلها بالعلم يُقيم الخَلق مقامهم ويقيم أمر الحق مقامه ويستر ما ينبغي أن يستر ويظهر ما ينبغي أن يُظهر ويأتي بالأمور من مواضعها بحضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وإخلاص فقوم من المفتونين لبسوا ألبسة الصوفية لينسبوا إليهم وما هم منهم بشيء بل هم في غرور وغلط يتسترون بلبسة الصوفية توقيا تارة ودعوة أخرى وينتهجون مناهج أهل الإباحة ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى اللّه تعالى وأن هذا هو الظفر بالمراد والإرتسام بمراسم الشريعة رتبة العوام والقاصرين الإفهام وهذا هو عين الإلحاد والزندقة والإبعاد ولله در القائل: ولستُ انحل هذا الإسم غير فتى صافي وصوفي حتى سميَ الصوفي. قال مؤلفه: ذهب والله ما هنالك وصارت الصوفية. كما قال الشيخ فتح الدين محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري: ما شروطُ الصوفي في عصرنا اليو مَ سوى ستة بغيرِ زيادَهْ. وهي نيكُ العلوقُ والسُكرِ والسط لةِ والرقصِ والغنا والقيادهْ. وإذا ما هذى وأبدى اتحادًا وحلولًا من جهلِهِ أو إعادهْ. وأتى المنكراتِ عقلًا وشرعًا فهو شيخُ الشيوخُ ذو السجَّادَهْ. ثم تلاشى الآن حال الصوفية ومشايخها حتى صاروا من سقط المتاع لا ينسبون إلىعلم ولا ديانة وإلى الله المشتكى. وأوّل من اتخذ بيتًا للعبادة زيد بن صوحان بن صبرة وذلك أنه عمد إلى رجال من أهل البصرة قد تفرّغوا للعبادة وليس لهم تجارات ولاغلات فبنى لهم دورًا وأسكنهم فيها وجعل لهم ما يقوم بمصالحهم من مطعم ومشرب وملبس وغيره فجاء يومًا ليزورهم فسأل عنهم فإذاعبد الله بن عامر عامل البصرة لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه قد دعاهم. فأتاه فقال له: يا ابن عامر ما تريد من هؤلاء القوم قال: أريد أن أقرّبهم فيشفعوا فأشفعهم ويسألوا فأعطيهم ويشيروا عليّ فأقبل منهم. فقال: لا ولا كرامة فتأتي إلى قوم قد انقطعوا إلى الله تعالى فتدنسهم بدنياك وتشركهم في أمرك حتى إذا ذهبت أديانهم أعرضت عنهم فطاحوا لا إلى الدنيا ولا إلى الآخرة قوموا فارجعوا إلى مواضعكم. فقاموا فأمسك ابن عامر فما نطق بلفظة. ذكره أبو نعيم. الخانكاه الصلاحية دار سعيد السعداء دويرة الصوفية هذه الخانكاه بخط رحبة باب العيد من القاهرة كانت أوّلًا دارًا تُعرف في الدولة الفاطمية بدار سعيد السعداء وهو الأستاذ قنبر ويُقال عنبر. وذكر ابن ميسر أن اسمه بيان ولقبه سعيد السعداء أحد الأستّاذين المحنكين خدام القصر عتيق الخليفة المستنصر قُتل في سابع شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة ورُميَ برأسه من القصر ثم صلبت جثته بباب زويلة من ناحية الخرق وكانت هذه الدار مقابل دار الوزارة. فلما كانت وزارة العادل رزيك بن الصالح طلائع بن رزيك سكنها وفتح من دار الوزارهّ إليها سردابًا تحت الأرض ليمرّ فيه ثم سكنها الوزير شاور بن مجير في أيام وزارته ثم ابنه الكامل. فلما استبدّ الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي بملك مصر بعد موت الخليفة العاضد وغير رسوم الدولة الفاطمية ووضع من قصر الخلافة وأسكن فيه أمراء دولته الأكراد عمل هذه الدار برسم الفقراء الصوفية الواردين من البلاد الشاسعة ووقفها عليهم في سنة تسع وستين وخمسمائة وولى عليهم شيخًا ووقف عليهم بستان الحبانية بجوار بركة الفيل خارج القاهرة وقيسارية الشراب بالقاهرة وناحية دهمر ومررالبهنساوية وشرط أنّ من مات من الصوفية وترك عشرين دينارًامادونها كانت للفقراء ولا يتعرّض لها الديوان السلطانيّ ومن أراد منهم السفر يُعطى تسفيره ورتب للصوفية في كلّ يوم طعامًا ولحمًا وخبزًا وبنى لهم حمّامًا بجوارهم فكانت أوّل خانكاه عُملت بديار مصر. وعُرفت بدويرة الصوفية ونعت شيخها بشيخ الشيوخ واستمرّ ذلك بعده إلى أن كانت الحوادث والمحن منذ سنة ست وثمانمائة واتضعت الأحوال وتلاشت الرتب فلقب كل شيخ خانكاه بشيخ الشيوخ وكان سكانها من الصوفية يًعرفون بالعلم والصلاح وترجى بركتهم وولي مشيختها الأكابر والأعيان كأولاد شيخ الشيوخ بن حمويه مع ما كان لهم من الوزارة والإمارة وتدبير الدولة وقيادة الجيوش وتقدمة العساكر. ووليها ذو الرياستين الوزير الصاحب قاضي القضاة تقيّ الدين عبد الرحمن بن ذي الرياستين الوزير الصاحب قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز وجماعة من الأعيان ونزل بها الأكابر من الصوفية. وأخبرني الشيخ أحمد بن عليّ القصار رحمه الله: أنه أدرك الناس في يوم الجمعة يأتون من مصر إلى القاهرة ليشاهدوا صوفية خانقاه سعيد السعداء عندما يتوجهون منها إلى صلاة الجمعة بالجامع الحاكميّ كي تحصل لهم البركة والخير بمشاهدتهم وكان لهم في يوم الجمعة هيئة فاضلة وذلك أنه يخرج شيخ الخانقاه منها وبين يديه خدّام الربعة الشريفة قد حملت على رأس أكبرهم والصوفية مشاة بسكون وخفر إلى باب الجامع الحاكميّ الذي يلي المنبر فيدخلون إلى مقصورة كانت هناك على يُسرة الداخل من الباب المذكور تُعرف بمقصورة البسملة فإنه بها إلى اليوم بسملة قد كتبت بحروف كبار فيصلي الشيخ تحية المسجد تحت سحابة منصوبة له دائمًا وتصلي الجماعة ثم يجلسون وتفرق عليهم أجزاء الربعة فيقرؤون القرآّن حتى يؤذن المؤذنون فتؤخذ الأجزاء منهم ويشتغلون بالتركع واستماع الخطبة وهم منصتون خاشعون فإذا قضيت الصلاة والدعاء بعدها قام قاريء من قرّأ الخانقاه ورفع صوته بقراءة ما تيسر من القرآن ودعا للسلطان صلاح الدين ولواقف الجامع ولسائر المسلمين فإذا فرغ قام الشيخ من مصلاه وسار من الجامع إلى الخانقاه والصوفية معه كما كان توجههم إلى الجامع فيكون هذا من أجمل عوايد القاهرة وما برح الأمر على ذلك إلى أن ولي الأمير يلبغا السالمي نظر الخانقاه المذكورة في يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة فنزل إليها وأخرج كتاب الوقف وأراد العمل بما فيه من شرط الواقف فقطع من الصوفية المنزلين بها عشرات ممن له منصب ومن هو مشهور بالمال وزاد الفقراء المجرّدين وهم المقيمون بها في كلّ يوم رغيفًا من الخبز فصار لكل مجرّد أربعة أرغفة بعدما كانت ثلاثة ورتب بالخانقاه وظيفتي ذكر بعد صلاة العشاء الاَخرة وبعد صلاة الصبح فكثر النكير على السالميّ ممن أخرجهم وزاد الإشلاء. فقال بعض أدباء العصر في ذلك: يا أهلَ خانِقَةَ الصلاحِ أراكمُ ما بين شاكٍ للزمانٍ وشاتِمِ. يكفيكمُ ما قد أكلتُمُ باطلًا مِنْ وقفها وخرجتُمُ بالسَّالِمِ. وكان سبب ولاية السالميّ نظر الخانقاه المذكورة أن العادة كانت قديمًا أنّ الشيخ هوالذي يتحدّث في نظرها فلما كانت أيام الظاهر برقوق ولي مشيختها شخص يُعرف بالشيخ محمد البلاليّ قدم من البلاد الشامية وصار للأمير سودون الشيخونيّ نائب السلطنة بديار مصر فيه اعتقاد فلما سعى له في المشيخة واستقرّ فيها بتعيينه سأله أن يتحدّث في النظر إعانة له فتحدّث وكانت عدّة الصوفية بها نحو الثلاثمائة رجل لكلّ منهم في اليوم ثلاثة أرغفة زنتها ثلاثة أرطال خبز وقطعة لحم زنتها ثلث رطل في مرق ويُعمل لهم الحلوى في كلّ شهر ويفرّق فيهم الصابون ويعطي كلّ منهم في السنة عن ثمن كسوة قدر أربعين درهمًا فنزل الأمير سودون عندهم جماعه كثيرة عجز ريع الوقف عن القيام لهم بجميع ما ذكر فقُطعت الحلوى والصابون والكسوة ثم إن ناحية دهمر و شُرِقَتْ في سنة تسع وتسعين لقصور ماء النيل فوقع العزم على غلق مطبخ الخانقاه وإبطال الطعام فلم تحتمل الصوفية ذلك وتكرّرت شكواهم للملك الظاهر برقوق فولّى الأمير يلبغا السالميّ النظر وأمره أن يَعمل بشرط الواقف. فلما نزل إلى الخانقاه وتحدّث فيها اجتمع بشيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان البلقينيّ وأوقفه على كتاب الوقف فأفتاه بالعمل بشرط الواقف وهو أن الخانقاه تكون وقفًا على الطائفة الصوفية الواردين من البلاد الشاسعة والقاطنين بالقاهرة ومصر فإن لم يوجدوا كانت على الفقراء من الفقهاء الشافعية والمالكية الأشعرية الاعتقاد ثم إنه جمع القضاة وشيخ الإسلام وسائر صوفية الخانقاه بها وقرأ عليهم كتاب الوقف وسأل القضاة عن حكم الله فيه فانتُدب للكلام رجلان من الصوفية هما زين الدين أبو بكر القمنيّ وشهاب الدين أحمد العبادي الحنفيّ وارتفعت الأصوات وكثر اللغط فأشار القضاة على السالميّ أن يعمل بشرط الواقف وانصرفوا فقطع منهم نحو الستين رجلًا منهم المذكوران فامتعض العباديّ وغضب من ذلك وشنَّعَ بأنّ السالميّ قد كفر وبسط لسانه بالقول فيه وبدت منه سماجات فَقَبضَ عليه السالمي وهو ماش بالقاهرة فاجتمع عدّة من الأعيان وفرّقوا بينهما فبلغ ذلك السلطان فأحضر القضاة والفقهاء وطلب العباديّ في يوم الخميس ثامن شهر رجب وادّعى عليه السالميّ فاقتضى الحال تعزيره فعُزر وكُشف رأسه وأخرج من القلعة ماشيًا بين يدي القضاة ووالي القاهرة إلى باب زويلة فسُجن بحبس الديلم ثم نُقل منه إلى حبس الرحبة فلما كان يوم السبت حادي عشره استُدعي إلى دار قاضي القضاة جمال الدين محمود القيصريّ الحنفي وضرب بحضرة الأمير علاء الدين عليّ بن الطبلاويّ والي القاهرة نحو الأربعين ضربة بالعصا تحت رجليه ثم أعيد إلى الحبس وأفرج عنه في ثامن عشرة بشفاعة شيخ الإسلام فيه ولما جدّد الأمير يلبغا السالميّ الجامع الأقمر وعُمل له منبرًا وأقيمت به الجمعة في شهر ربيع الأوّل سنة إحدى وثمانمائة الزم الشيخ بالخانقاه والصوفية أن يصلوا الجمعة به فصاروا يُصلّون الجمعة فيه إلى أن زالت أيام السالميّ فتركوا الاجتماع بالجامع الأقمر ولم يعودوا إلى ما كانوا عليه من الاجتماع بالجامع الحاكميّ ونُسي ذلك. ولم يكن بهذه الخانقاه مئذنة والذي بنى هذه المئذنة شيخ وليَ مشيختها في سنة بضع وثمانين وسبعمائة يُعرف بشهاب الدين أحمد الأنصاريّ وكان الناس يمرّون في صحن الخانقاه بنعالهم فجدّد شخص من الصوفية بها يُعرف بشهاب الدين أحمد العثمانيّ هذا الدرابزين وغرس فيه هذه الأشجار وجعل عليها وقفًا لمن يتعاهدها بالخدمة.
|